جول جمال اسم يجهله العديد من الاجيال المعاصرة، ربما لبعض من الناس هو اسم شارع فى منطقة الدقى بمحافظة الجيزة، و كالعادة وراء اسم كل شارع فى مصر توجد حكاية و حكاية جول جمال يمتزج فيها الواقع بالخيال .
السورى جول جمال فى تاريخ مصر الرسمى هو من اغرق المدمرة الفرنسية جان دراك قبالة ساحل بورسعيد فى سنة 1956.
ولد جول يوسف جمال فى مدينة اللاذقية الساحلية فى سوريا لأسرة مسيحية ارثودكسية فى الاول من ابريل عام 1939 م و كان والده يعمل كطبيب بيطرى و قد شارك الوالد فى المقاومة ضد الاحتلال الفرنسى و كان معروف انه كان من حفظة القرآن فلم يكن غريبا ان يشب ابناءه الاربعة جول و دعد و ويلينا و عادل على حب العروبة .
كان جول طالبا فى كلية الاداب فى الجامعة السورية عندما تركها فى سبتمبر من عام 1953 عندما ارسل ضمن عشر طلاب سوريين فى بعثة عسكرية للالتحاق بالكلية البحرية فى مصر و هكذا تحقق حلمه بان يصبح ضابط فى سلاح البحرية .
و قد نال جول فى مايو 1956 شهادة البكالوريوس فى الدراسات البحرية و كان ترتيبه الاول على الدفعة ليصير الملازم ثانى جول جمال، و فى شهر يوليو من نفس العام فوجئ العالم كله بقرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس للملاحة كشركة مساهمة مصرية و بدأت بوادر عاصفة سياسية دبلوماسية غربية فى الهبوب لتتحول الى عاصفة حربية ضاربة سيناء قبل ان تعصف بمدن القناة و هى عاصفة العدوان الثلاثى انجلترا و فرنسا و الدولة الحديثة المزورعة فى قلب الوطن العربى .. اسرائيل
لم يرحل جول و بقية افراد البعثة السورية من مصر بعد التخرج فى تلك الفترة لان مصر استوردت زوارق طوربيد حديثة و قد رات الحكومة السورية فى ذلك الوقت انه من الافضل ان يتم تدريب ضباطها على تلك الزوارق الحديثة . و ربما كان القدر يلعب لعبته ليكتب اسطورة جديدة بدأت فى ليلة الرابع من نوفمبر .
الاسطورة
فى ليلة 4 نوفمبر ، تحديدا فى منتصف الليل التقط جول و اقرانه بث فرنسى للسفينة الحربية جان بارت العملاقة ، اول سفينة مزودة بردار فى العالم، و كانت مهمتها عندما تصل بالقرب من شاطىء بورسعيد ان تدمر ما تبقى من المدينة التى كادت ان تكون مدينة اشباح بعد قصف سلاح الطيران الملكى والبحرية الملكى لها.
على الفور بلغ جول قائده جلال الدسوقى رحمه الله و اقترح عليه ان يذهب فى دورية الى تلك المنطقة المحددة التى ستكون فيها السفينة، و على عكس اللوائح التى تمنع خروج اى اجنبى فى دورية بحرية اعطاه الدسوقى تصريح للخروج بعد اصرار جول ان فى وقت المعركة لا فرق بين مصرى او سورى و ان مصر كسوريا لا فرق بينهما.
فى تلك الليلة خرجت ثلاث زوارق طروبيد لمقابلة فخر البحرية الفرنسية امام سواحل البرلس و كانت مقابلة عكس كل التوقعات التى قد ترجح كفة السفينة العملاقة فقد تصدت لها الثلاث زوراق فى معركة قللما تحدث مثلها فى تاريخ المعارك البحرية. لم يدمر جول السفينة جان بارت و لم يقسمها الى نصفين كما هو شاع و لكن هو و رفاقه الشهداء الابرار اصابوها بالشلل مضحين بأغلى ما يملكون و هو ارواحهم ذاتها من اجل بورسعيد .. من اجل مصر.
مات السوري جول جمال هو ورفاقه في مصر وأصبحوا شهداء لا فارق بينهم وبين أي شهيد مصري آخر.
مات جول جمال بعيدا عن اهله تركا خطيبته التى عاشت طوال عمرها ترفض الزواج وتصر على ان تنادى "بمدام جول".
كرمت مصر و سوريا البطل بنياشين عديدة لكن للاسف فى مصر قد انضم الى مجموعة من الابطال المنسين و الفضل فى الاعلام الرسمى الذى يعمل على تربية أجيال جاهلة بدون اى قدوة يسهل التحكم فيها.
أما فى وطنه الام سوريا فلايزال الى الان مثال للشجاعة و الفداء من اجل الامه العربية و العروبة و يشهد على ذلك كيف ودع السوريون فى عام 2007 شقيقته دعد التى توفيت بعد صراع طويل من المرض.