[b]في الأول من نيسان في كل عام تحصل مواقف كثيرة معظمها طريف وبعضها محزن جراء كذب الناس في مثل هذا اليوم. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه دائما في كل عام: لماذا الكذب في أول نيسان؟ وما اصل هذه الكذبة المنتشرة في غالبية دول العالم باختلاف ألوانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم؟ ذهبت أغلبية اراء الباحثين إلى ان "كذبة نيسان" تقليد أوربي قائم على المزاح يقوم فيه بعض الناس في اليوم الأول من نيسان باطلاق الاشاعات او الأكاذيب ويطلق على من يصدق هذه الاشاعات أو الأكاذيب اسم "ضحية كذبة نيسان".
وبدأت هذه العادة في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام 1564 وكانت فرنسا اول دولة تعمل بهذا التقويم وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأ في يوم 21أذار/مارس وينتهي في الأول من نيسان/أبريل بعد ان يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة.
وعندما تحول عيد رأس السنة الى الأول من كانون الثاني ظل بعض الناس يحتفلون به في الأول من نيسان كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايا نيسان وأصبحت عادة المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت الى البلدان الأ... وانتشرت على نطاق واسع في انجلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي ويطلق على الضحية في فرنسا اسم السمكة وفي اسكتلندا نكتة نيسان. وهناك عدد آخر من الباحثين في اصل الكذب يرون ان نشأته تعود الى القرون الوسطى اذ ان شهر نيسان في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول فيطلق سراحهم في اول الشهر ويصلي العقلاء من اجلهم وفي ذلك الحين نشأ العيد المعروف باسم عيد المجانين أسوة بالعيد المشهور باسم عيد القديسين.
وهناك باحثون آخرون يؤكدون ان كذبة اول نيسان لم تنتشر بشكل واسع بين غالبية شعوب العالم الا في القرن التاسع عشر. والواقع ان كل هذه الأقوال لم تكتسب الدليل الأكيد لاثبات صحتها وسواء أكانت صحيحة أم غير صحيحة فان المؤكد ان قاعدة الكذب كانت ولا تزال اول نيسان ويعلق البعض على هذا بالقول ان شهر نيسان يقع في فصل الربيع ومع الربيع يحلو للناس المداعبة والمرح.
وقد أصبح اول نيسان هو اليوم المباح فيه الكذب لدى جميع شعوب العالم فيما عدا الشعبين الإسباني والألماني والسبب ان هذا اليوم مقدس في إسبانيا دينيا اما في المانيا فهو يوافق يوم ميلاد "بسمارك " الزعيم الالماني المعروف.
***والطريف في كذبة اول نيسان انها تساوي بين العظماء والصعاليك وبين الاغنياء والفقراء فقد حدث ان كان كارول ملك رومانيا يزور احد متاحف عاصمة بلاده في اول نيسان فسبقه رسام مشهور ورسم على ارضية احدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة فلما رآها أمر احد حراسة بالتقاطها فانحنى الحارس إلى الأرض يحاول التقاط الورقة المالية الأثرية ولكن عبثا.
وفي سنة أ... رسم الفنان نفسه على ارض ذلك المتحف صورا لسجائر مشتعلة وجلس عن كثب يراقب الزائرين وهم يهرعون لالتقاط السجائر قبل ان تشعل نارها الأرض الخشبية.
وفي رومانيا أيضا وشعبها شغوف جدا بأكاذيب اول نيسان حدث ان نشرت إحدى الصحف خبرا جاء فيه ان سقف احدى محطات السكة الحديد في العاصمة هوى على مئات من المسافرين وقتل عشرات وأصاب المئات باصابات خطرة. وقد سبب هذا الخبر المفزع الذي لم تتحرَّ الصحيفة عنه قبل نشره هرجا وذعرا شديدين وطالب المسؤولون بمحاكمة رئيس تحرير الصحيفة الذي تدارك الموقف بسرعة وبذكاء فأصدر ملحقا كذب فيه الخبر وقال في تكذيبه: كان يجب على المسؤولين قبل ان يطالبوا بمحاكمتي ان يدققوا في قراءة تاريخ صدور العدد الذي نشر فيه هذا الخبر فقد كان في الاول من نيسان.ومن يومها دأبت الصحيفة على نشر خبر مماثل في اول نيسان من كل عام.
وهناك أكاذيب انتشرت في كل بلد من بلدان العالم ومازالت شعوبها تتذكرها وتكررها حتى الآن مع حلول اول نيسان. ومن اشهر الأكاذيب التي عرفها الشعب الانجليزي الذي يعتبر اشهر شعوب العالم كذبا في اول نيسان هذه الكذبة التي جرت في اول نيسان عام 1860. في هذا اليوم حمل البريد الى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تحمل في طياتها دعوة كل منهم الى مشاهدة الحفلة السنوية "لغسل الاسود البيض" في برج لندن في صباح الاحد اول نيسان مع رجاء التكرم بعدم دفع شيء للحراس او مساعديهم وقد سارع جمهور غفير من السذج الى برج لندن لمشاهدة الحفلة المزعومة.
وهناك كذبة أ... اشتهر استخدامها في اول نيسان في بريطانيا وهي ان يبعث احد الناس بمائتي رسالة الى مديري دور الاعمال الكبيرة يطلب منهم ان يتصلوا برقم تلفون يحدده في رسائله لامر مهم جدا ومستعجل ويحدد موعد الاتصال فيما بين الساعة الثامنة والعاشرة من صباح اول نيسان وتكون النتيجة ان يظل صاحب رقم التلفون المذكور في شغل شاغل بالرد على مكالمات واستفسارات المديرين طوال يوم اول نيسان وقد ضربت هذه الكذبة الرقم القياسي في استخدام الشعب الانجليزي لها
. والى جانب هذه المواقف المضحكة هناك مآسٍ باكية حدثت بسبب كذبة اول نيسان فقد حدث ان اشتعلت النيران في مطبخ احدى السيدات الانجليزيات في مدينة لندن فخرجت الى شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدة السيدة المسكينة احد اذ كان ذلك اليوم صباح اول نيسان.