إذاً فليحذر الذين اتخذوا تلاوة القرآن صنعة لهم يلبون بها حاجات الناس في المناسبات، ليحذر أن يكون كسبه غير مشروع .
أيها الأخوة الكرام : حديث ثالث ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : (( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ ، فَقَالَ : هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ ، فَسَلَّمَ ، وَقَالَ : أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ )) .
[ مسلم ، النسائي ]
المعوذتان ، وآية الكرسي ، وفاتحة الكتاب ، و خواتيم سورة البقرة ، هذه الآيات ، وتلك السور يرد بهما السحر ، و يرد بهما المس ، و يرد بهما كيد شياطين الإنس الذين هم من بني جلدتنا .
روى الإمام أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ : (( انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ ،
أيها الأخوة الكرام : هذا الأسلوب الشرعي في مدافعة السحر والمس ، ومدافعة شياطين الإنس ، بالاستعاذة بالله تكون أقوى البشر ، بالاستعاذة بالله تكون أعلم البشر ، بالاستعاذة بالله تكون أغنى البشر ، لكن سبحانك يا رب ، يوجد أشياء كثر تردادها ترداداً لفظياً أجوف فارغاً فقدت معناها ، و فقدت قيمتها ، مثلاً لو أن إنساناً أغضب إنساناً ماذا يقول الإنسان الذي أُغضب ؟ أشهد أن لا إله إلا الله ، هل أنزلت هذه الشهادة من أجل أن تعبر بها عن غضبك ؟ قد تسأل إنساناً ملحداً كيف الصحة ؟ الحمد لله ، تحمد من ؟ يوجد كلمات من كثرة ما رددها المسلمون ترديداً ببغاوياً وترديداً أجوف ، وشكلياً فقدت معناها ، أما أنت حينما تقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ، ومن شر غاسق في العقد ، و من شر النفاثات في العقد ، و من شر حاسد إذا حسد ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول : عين الحاسد تضع الجمل في القدر ، وتضع الرجل في القبر .
إذا تباهى إنسان بنعمة ، و افتخر بها ، و أراد أن يكسر قلوب من حوله بها ، هكذا دخلي ، هكذا ربحت ، إلى هذا المكان ذهبت ، بدأ يفتخر بما آتاه الله عز وجل ليستعلي على عباد الله قد تصيبه عين الحسود ، لأنه غافل عندما مدح نفسه ، و افتخر ، و استعلى ، و كبر نفسه ، و استكبر وأثار الحسد ، فيأتي حاسد غافل فيحسده ، فتصيبه العين ، العين لا تدرأ أخطارها بكلمة عين الحاسد تبلى بالعمى ، لا ، بهذا لا يرد الحسد ، يرد الحسد بالتواضع ، يرد الحسد بعدم إظهار الزينة ، بعدم التفاخر ، بعدم التباهي ، بعدم الزهو ، بهذا يرد الحسد ، أما بوضع ورقة مكتوب عليها الحسود لا يسود ، هذا كلام لا يقدم ، و لا يؤخر .
أيها الأخوة الكرام : أنا أنصح أخوتي الكرام ، طبعاً أسأل الله لي و لكم السلامة من الجن ، أسأل الله لي و لكم السلامة من خرافات المخرفين ، و من شعوذة المشعوذين ، و من ضلال الضالين ، و من كل فساد و تيه في الأرض ، و لكن أنا أعدكم رسلاً لمن حولكم ، وكل شخص منكم حوله أناس ، فإذا وصل إلى سمعه مشكلات من هذا القبيل فليقف وقفة حازمة جريئة ، و ليؤكد أن جهة في الأرض لا تستطيع أن تؤذي أحداً إلا بإذن الله ، و أن طريق رد هؤلاء هو الاستعاذة بالله ، و لا سيما قراءة الفاتحة ، و المعوذتين ، و آية الكرسي ، و خواتيم سورة البقرة .
و الحمد لله رب العالمين